غزة- التجويع الإسرائيلي وصمت العالم ومبادرة السعودية للسلام
المؤلف: رامي الخليفة العلي08.21.2025

في ظل حكومة بنيامين نتنياهو اليمينية المتطرفة، تتمادى إسرائيل في تطبيق سياساتها الغاشمة واللاإنسانية بحق سكان قطاع غزة المحاصر، لم يعد الحصار مجرد واقع مرير يعيشه أكثر من مليوني فلسطيني، بل تحول إلى أداة قمع ممنهجة تتجلى في سياسة التجويع الممنهجة. إنها فاجعة إنسانية تتفاقم أمام أنظار العالم أجمع، بينما تلتزم القوى العظمى الصمت المريب، بل وتشارك في التواطؤ المخزي. فالولايات المتحدة الأمريكية، التي تدعي حماية حقوق الإنسان في مختلف أصقاع الأرض، توفر غطاء سياسياً ودبلوماسياً كاملاً لهذه الفظائع المتواصلة، مستخدمةً حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن ضد أي مسعى دولي جاد لوقف نزيف الدم الفلسطيني، وبذلك تمنح إسرائيل تفويضاً ضمنياً لارتكاب المزيد من المذابح البشعة بحق المدنيين الأبرياء في غزة. المشاهد المروعة القادمة من القطاع المنكوب تفطر القلوب وتستصرخ الضمير الإنساني: أطفال أبرياء يلفظون أنفاسهم الأخيرة جوعاً، وأمهات مفجوعات يسقطن شهيدات بنيران القوات الإسرائيلية الغازية وهن يحاولن جاهدات الحصول على رغيف خبز يسد رمق أطفالهن الجياع، وعائلات بأكملها تُفنى بوحشية عند نقاط توزيع الغذاء والدواء التي لم تعد ملاذاً آمناً، بل تحولت إلى ساحات للموت تُقصف بضراوة. إن هذا المشهد المأساوي لا يمكن أن يكون مجرد نتيجة عارضة للحرب الشرسة، بل هو خطة جهنمية مدبرة تنفذها إسرائيل بدم بارد، وهي على دراية تامة بجرائمها الشنيعة. ومع ذلك، لا يزال المجتمع الدولي عاجزاً عن وضع حد لهذه الكارثة الإنسانية المتفاقمة، متقاعساً ومتجاهلاً جميع المناشدات الأخلاقية، بسبب الدعم الأمريكي المطلق للحكومة الإسرائيلية المتعنتة. وسط هذا الوضع المظلم، بزغت مبادرة المملكة العربية السعودية كصوت مدو وشجاع، أعاد الأمل بإمكانية تحقيق السلام المنشود. لقد أطلقت السعودية هذه المبادرة، وعقدت بالتعاون الوثيق مع فرنسا مؤتمراً دولياً رفيع المستوى في رحاب الأمم المتحدة بنيويورك، بهدف إحياء حل الدولتين العتيد ووضع خارطة طريق عملية لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي الغاشم وإقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة، عاصمتها القدس الشرقية الأبية. إن هذا الموقف السعودي المشرف لم يكن مجرد تعبير عن التضامن والتأييد، بل كان خطوة جريئة نحو تحقيق العدالة والسلام، حيث أكد وزير الخارجية السعودي في هذا المؤتمر على ضرورة الوقف الفوري لكافة أشكال العنف والاستيطان المرفوض، وتشكيل لجنة انتقالية دولية تتولى إدارة قطاع غزة مؤقتاً، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين العزل من آلة الحرب الإسرائيلية التي لا تعرف الرحمة. إن هذا التحرك السعودي، الذي يحظى بدعم وتأييد جامعة الدول العربية والاتحاد الأوروبي وعدد كبير من دول العالم قاطبة، قد رسم مساراً واضحاً وشجاعاً للخروج من هذا المأزق الرهيب. إن هذا الموقف السعودي النبيل ليس بغريب، فقد وقفت المملكة العربية السعودية دائماً بجانب الحق الفلسطيني، إيماناً منها بأن تحقيق السلام الحقيقي والدائم لن يتحقق إلا بإنصاف الشعب الفلسطيني المظلوم وإنهاء معاناته المريرة. في المقابل، ستبقى وصمة العار تلاحق إسرائيل وأمريكا، طالما استمرت الأولى في سياسة التجويع والإبادة الجماعية، واستمرت الثانية في توفير الغطاء والحماية لها. لقد حان الوقت لأن يستمع المجتمع الدولي بأسره إلى الصوت السعودي العقلاني والشجاع، وأن يتحرك لوقف الجرائم الإسرائيلية البشعة التي تشوه الضمير الإنساني، ومحاسبة القوى التي تمنحها الشرعية والدعم. لقد حان الوقت لينتصر الحق على الباطل، ولتعلو أصوات السلام على أصوات الحرب والمجاعة.